عن النبي صلى الله عليه
وسلم قال:
«صيام ثلاثة أيام من كل شهر صيام الدهر وأيام البيض صبيحة ثلاث عشرة وأربع
عشرة وخمس عشرة» رواه النسائي وصححه الألباني.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى: "الصوم جنة من أدواء الروح والقلب والبدن؛
مَنافِعُه تفوت الإحصاء، وله تأثير عجيب: في حفظ الصحة، وإذابة الفضلات،
وحبس النفس عن تناول مؤذياتها، ولاسيما: إذا كان باعتدال وقصد في أفضل
أوقاته شرعاً، وحاجة البدن إليه طبعاً، ثم إنّ فيه من إراحة القوى والأعضاء
ما يحفظ عليها قواها، وفيه خاصية تقتضي إيثاره، وهي تفريجه للقلب عاجلاً
وآجلاً فهو أنفع شيء لأصحاب الأمزجة الباردة والرطبة وله تأثير عظيم في حفظ
صحتهم" .
وهو يدخل في الأدوية الروحانية والطبيعية، وإذا راعى الصائم فيه ما ينبغي
مراعاته طبعاً وشرعاً، عظم انتفاع قلبه وبدنه به، وحبس عنه المواد الغريبة
الفاسدة التي هو مستعِدّ لها، وأزال المواد الرديئة الحاصلة بحسب كماله
ونقصانه ويحفظ الصائم مما ينبغي أن يتحفظ منه، ويعينه على قيامه بمقصود
الصوم وسره وعلته الغائية.
فإنّ القصد منه أمر آخر وراء ترك الطعام والشراب، وباعتبار ذلك الأمر،
أُختصَّ من بين الأعمال: بأنه للهِ سبحانه، ولمَّا كان وقايةً وجُنةً بين
العبد وبين ما يؤذي قلبه وبدنه عاجلاً راجلاً، قال الله تعالى: {يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} [البقرة: 183]،
فأحد مقصودَي الصيام: الجنةُ والوقاية؛ وهي حِمْية عظيمةُ النفع.
بعض فضائل وفوائد الصيام
إن للصيام فضائل وفوائد نذكر منها ما يلي:
1) للصائمين باب لا يدخل منه أحد غيرهم.
عن سهل بن سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ فِي الْجَنَّةِ
بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ لَا يَدْخُلُ مَعَهُمْ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ يُقَالُ أَيْنَ
الصَّائِمُونَ فَيَدْخُلُونَ مِنْهُ فَإِذَا دَخَلَ آخِرُهُمْ أُغْلِقَ
فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ» متفق عليه.
2) رائحة فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ
لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ» متفق عليه.
3) له فرحة عند فطره.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ
عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى
سَبْعمِائَة ضِعْفٍ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا الصَّوْمَ
فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ
أَجْلِي لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ وَفَرْحَةٌ
عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ وَلَخُلُوفُ فِيهِ أَطْيَبُ عِنْدَ
اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ» رواه مسلم.
4) أن الصوم يهذب النفس ويدربها على الجوع والعطش والصبر، وكذلك الإحساس
بأحوال إخواننا المسلمين اللذين لا يجدون ما يأكلون ولا ما يشربون.
5) إن الصائم ينوي بصومه احتساب الأجر عند الله على الصبر بالصيام، قال
تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ}
[الزمر:10].
6) للصائم عند فطره دعوة لا ترد.
الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة
عن عبدالله بن عمروبن العاص رضي الله عنهما قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : «الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ يَقُولُ الصِّيَامُ أَيْ رَبِّ مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ
وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ وَيَقُولُ الْقُرْآنُ
مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ قَالَ
فَيُشَفَّعَانِ» رواه الإمام أحمد.
فهنيئا لمن تقرب إلى الله بفعل النوافل وخشع قلبه ولانت جوارحه لله فالأجر
الجنة وما أعظمه من أجر، فهيا إلى روضات الجنات بالإخلاص وعبادة الله
والتقرب إليه ولنهتم بأمر الصيام صيام النوافل فهو أعظم العبادات أجرا،
وفقنا الله للصالحات.
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
منقول (طريق الإسلام )